نشامة التمريض
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نشامة التمريض

منتدى لعالم التمريض لكل عالم بحال التمريض
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 خلق الإنسان(2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو عبيدة




عدد المساهمات : 31
نقاط : 81
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 12/12/2010
العمر : 33
الموقع : حماه

خلق الإنسان(2) Empty
مُساهمةموضوع: خلق الإنسان(2)   خلق الإنسان(2) I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 11:23 pm

نتابع في خلق الإنسان...
******************************************
ثالثاً : مرحلة العلقة : (( ثمّ خلقنا النطفة علقة )).
ما إن يتم التحام النطفة بالبويضة ، وتشكيل النطفة الأمشاج ، حتى تبدأ هذه الأخيرة بالانقسام والهجرة باتجاه جوف الرحم ، فتصله في غضون ( 5-10 ) أيام من بدء التلقيح ، وهي في طور العلقة . ومن الجدير ذكره أن مصطلح العلقة ، هو مصطلح قرآني بحت ، فلماذا العلقة يا ترى .!؟

إنه مما لا شك فيه ، أنه لا يدرك روعة التصوير القرآني المعجز ، إلا من أتاح الله له رؤية تلك الكتلة من الخلايا الضعيفة ، وهي عالقة ( علوقاً ) ، في جدار الرحم بواسطة استطالات خلوية مغروسة في مخاطية الرحم ، مصداقاً لقوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، إقرأ وربك الأكرم ، الذي علّم بالقلم )) .

رابعاً : مرحلة المضغة : قال تعالى في قرآنه المعجز :بسم الله الرحمن الرحيم
- (( فخلقنا العلقة مضغةً )) المؤمنون (15)
- (( ثمّ من مضغةٍ ، مخلَّقةٍ ، وغير مخلَّقة )) الحجّ ( 5 ).
بعد أن يعلق محصول الحمل في جدار الرحم ، ويرسل باستطالاته الخلوية والدموية لجلب الغذاء له من الأم الحامل ، لاستمراره في النمو والتكاثر ، تبدأ مرحلة جديدة من مراحل التطور ، وهي مرحلة المضغة ، وذلك اعتباراً من الأسبوع الثالث للحمل ، وهي مؤلفة من مرحلتين :
1. المضغة غير المخلَّقة : وهي التي لم تتمايز خلاياها بعد ، وتمتد حتى نهاية الأسبوع الرابع ، أي نهاية الشهر الأول من الحمل .
2. المضغة المخلَّقة : ثم تبدأ مرحلة هامة جداً من عمر الجنين ، اعتباراً من الأسبوع الخامس ، أي بداية الشهر الثاني ، وهي مرحلة التخلُّق ، أو التمايز ( Differentiation ) ، حيث يبدأ تشكل الأعضاء والأجهزة ، من ثلاثة وريقات جنينية هي :
أ . الوريقة الخارجية ( Ectoderm ) : والتي تعطي :
1. النسيج العصبي .
2. الجلد وملحقاته .
ب. الوريقة المتوسّطة (Mesoderm ) : والتي تعطي :
1. الهيكل العظمي .
2. الأنسجة الضامة .
3. العضلات .
4. جهاز القلب والدوران .
5. الجهاز البولي .
ج. الوريقة الداخلية (Endoderm ) : والتي تعطي :
1. جهاز الهضم والغدد الملحقة به .
2. جهاز التنفس . .... وهكذا ...

خامساً : مرحلة نفخ الروح : قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم
(( ثمّ أنشأناه خلقاً آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين )) .
تنتهي عملية التخلُّق في نهاية الشهر الثالث ، وبداية الشهر الرابع ، حيث تبدأ مرحلة هامة جداً ، هي عملية نفخ الروح ، وهنا لابد أن تستوقفنا مجموعة أسئلة هامة ، ونحن نتكلّم عن عملية التمايز والتخلّق ، مثل : كيف أمكن للخلايا المضغية ( Embrioblasts ) ، المتماثلة في شكلها وتركيبها ، أن تعطي تلك الوريقات الثلاث : الخارجية ، والداخلية ، والمتوسّطة .!؟

ثم ، كيف تسنّى لتلك الوريقات نفسها ، المتماثلة أيضاً في كلّ شيء ، والتي نشأت من نسيج واحد ، أن تعطي كل تلك الأجهزة المعقّدة مثل : النسيج العصبي ( المتضمّن أنسجة متطوّرة جداً ، كمراكز الشعور والتفكير والإبداع ) ، وأنسجة القلب ، والكلى ، والهضم ، وغيرها .!؟

إنه اللغز الذي حير عقول الجهابزة ، وألباب العلماء ، والذي لا يستطيع أحد في العالم أن يجيب عنه إلا في قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( هو الله ، الخالق ، الباريء ، المصوّر ، له الأسماء الحسنى ، يسبّح له ما في السموات والأرض ، وهو العزيز الحكيم )) الحشر ( 24 ) .

وما دمنا نتكلّم عن التخلّق والتمايز ، فلا بأس أن نتوقف عند هذه اللقطة الإعجازيّة القرآنية ، الواردة في قوله تعالى : (( فخلقنا المضغة عظاماً ، فكسونا العظام لحماً )) ، والتي تتضمن اللطائف التالية :
1. التمايز : الذي نتكلّم عنه في طور المضغة ، وهو خلق العظام والعضلات ..إلخ
2. الترتيب : حيث العظام أولاً ، ثم العضلات ثانياً .
3. الكساء : يقول علماء التشريح ، بأن التعبير القرآني عن تغطية العضلات للعظام بلفظة كساء تعبير مدهش ورائع ، ولا توجد أية لفظة أخرى تستطيع أن تعبّر عن الواقع التشريحي بمثل هذه الروعة.! فتبارك الله أحسن الخالقين .!!!
في نهاية الشهر الثاني يكون محصول الحمل بحجم بيضة الدجاج ، ويبلغ طول الجنين من ( 2-3 ) سم بينما يبلغ وزنه حوالي ( 11 ) غ ، ثم يبدأ تكون الأعضاء شيئاً فشيئاً . وفي نهاية الشهر الثالث وبداية الشهر الرابع ، يبلغ طول الجنين حوالي ( 10 ) سم . ويبلغ وزنه حوالي ( 55 ) غ . وهنا تبدأ الأعضاء تأخذ أشكالها النهائية ، وفي هذه اللحظات يتم نفخ الروح ، وتبدأ أغلب الأجهزة والأعضاء بالعمل .

• وثمّة لفتة قرآنية إعجازية أيضاً ، وذلك في قوله تعالى عن عدّة المرأة التي يتوفّى عنها زوجها : بسم الله الرحمن الرحيم (( والذين يُتَوَفَّوْن منكم ويذرون أزواجاً ، يتربَّصن بأنفسهنَّ أربعة أشهر وعشراً )) . فهذه الآية تطلب من المرأة المسلمة التي يموت عنها زوجها ، أن تجلس بدون زواج لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام ، بعد ذلك يمكنها أن تتزوج ..! فما سرّ هذه المدة بالضبط .!؟

وفي الجواب على هذا السؤال ، نقف مرّة أخرى أمام لفتة قرآنية إعجازية باهرة من لفتات هذا القرآن المعجز ، التي تثبت بدون أدنى شك بأن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من عند غير الله العليم الخبير .
فعلامات الحمل بالنسبة للناس التي تنزّلت عليهم هذه الآية كانت تقسم إلى قسمين رئيسيين :
1. علامات ظنيّة : وهي تشمل : انقطاع الطمث عند المرأة ، وأعراض الوحام المعروفة .
2. وعلامات يقينية : وأهمها : كبر حجم الرحم ، وبدء حركات الجنين ، وهذه الأخيرة ، هي الأهم ، وهي معروفة لكلّ النساء ، ولقد أثبت الطب الحديث بأن المدة الكافية لظهور هذه الحركات بصورة أكيدة لا لبس فيها ، هي أربعة أشهر ، والعشرة أيام المضافة هي من باب الاحتياط لمنع اختلاط الأنساب .!!! ترى فمن الذي أخبر محمّداً ( صلى الله عليه وسلم ) النبيّ الأميّ بهذه المعلومة الطبية التي ما ظهرت إلا مع نهايات القرن العشرين .!؟ إنه الله ، فتبارك الله أحسن الخالقين ...

• ولنا وقفة أخرى مع هذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم .
فقد روى البخاري ومسلم ، عن أبي عبد الرحمن ، عبد الله بن مسعود ( رض ) قال : حدّثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وهو الصادق المصدوق : (( إن أحدكم يُجمع خلقُه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ، ويُؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقيٍّ أو سعيد )) .

وبنظرة متفحّصة إلى هذا الحديث المعجز يتبيّن لنا ما يلي :
1. الحديث صحيح ، فقد رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى .
2. هذا الحديث ، هو الحديث الصحيح الوحيد الذي يسبقه قول : الصادق المصدوق ، للدلالة على أن قائله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس أحد غيره ..
3. الحديث يمثل معجزة باهرة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، حيث أكد الطب بعد أربعة عشر قرناً ، بأن الروح تنفخ في الجنين بعد حوالي أربعة أشهر ، أي ما يقارب مائة وعشرين يوماً ، كما ورد في الحديث بالضبط .

• وقبل أن ننهي فقرة نفخ الروح ، لا بد أن تستوقفنا لفتة قرآنية إعجازية أخرى ، تلكم هي الواردة في قوله تعالى عن الجنين بعد مرحلة المضغة : (( ثمّ أنشأناه خلقاً آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين )).
1. خلقاً آخر من الناحية المادية :
فلم يعد تلك الكتلة المقرفة من الخلايا المختلطة بالدم والأوساخ ، المتجمّعة من الدم والمني والمفرزات ، بل تحوّل إلى كائن إنساني رائع ، يحمل كل تفاصيل الكائن البشري ، من رأس وصدر وبطن وأطراف وأجهزة وحواس ...إلخ
2. وخلقاً آخر من الناحية الروحية :
فهناك فرق هائل ما بين الكتلة الهامدة التي لا حراك فيها ، وبين القلب النابض ، والروح المبثوثة ، والجنين المتحرّك ، وهذا يضفي على المرأة لحظة حدوثه نشوة وفرحة لا تقدّرها إلا النساء الحوامل..!
سادساً : القرار المكين : قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم
- (( ألم نخلقكم من ماء مهين ، فجعلناه في قرار مكين ، إلى قَدَرٍ معلوم ، فقَدَرنا فنعم القادرون )) المرسلات (20) . وقال سبحانه :
- (( ونُقرُّ في الأرحام ما نشاء ، إلى أجلٍ مسمَّى )) الحج (5 ) .
في هاتين الآيتين الكريمتين ، إشارة معجزة إلى حقيقتين علميّتين كبيرتين :
الأولى هي : القرار المكين . والثانية هي : القدر المعلوم .

فما حقيقة القرار المكين .!؟
نطفة صغيرة حقيرة لا تُرى بالعين المجرّدة إلا بعد تكبيرها آلاف المرّات ، أودعها الله في جوف الرحم ، وهيأ لها الظروف المناسبة حتى تكاثرت ونمت وتخلّقت ثمّ أعطت ذلك البناء الإنساني الرائع ، كل ذلك وهي تنعم بكل وسائل الأمن والراحة والاستقرار ، فتعالوا معنا لنتعرّف على مجموعة العوامل التي تحقق ذلك القرار المكين ..
1. من الناحية التشريحية :
تقع الرحم في جوف الحوض ، فتحدّها المثانة من الأمام ، والمستقيم من الخلف ، ويحيط بها جدار عظمي متين جداً ، هو من أمتن عظام الجسم ، إن لم يكن أمتنها على الإطلاق . من الأمام عظم العانة ، ومن الخلف عظما العجز والعصعص ، ومن الجانبين عظما الحرقفة .

هذا البناء العظمي المتين ، يحمي الرحم من الرضوض والصدمات الخارجية ، كما أنه في نفس الوقت، يؤمن ولادة سهلة للجنين ، ولا يعيق مروره من خلالها . كذلك يتم تثبيت الرحم في مكانها بمجموعة أربطة مرنة تتصل بهذه التركيبة العظمية المحيطة بالرحم بشكل محكم ودقيق .

2. من الناحية الهرمونية :
تسيطر على الرحم لجنة هرمونية تؤمن لها التوازن في النمو ، والتوازن في الانقباض والانبساط بشكل يدعو إلى الدهشة . فمنذ اللحظة التي يتم فيها قذف البويضة الناضجة من المبيض ، يتشكل مكانها جسم يسمى الجسم الأصفر ( Corpus lutum ) ، هذا الجسم يبقى يرقب الأحداث عن كثب ، فإذا ما حصل التلقيح بين النطفة والبويضة وتشكلت النطفة الأمشاج ، وتلقى إشارة بذلك من محصول الحمل نفسه ، فإنه يستمر في الحياة ، ويقوم بإفراز هرمون يسمى هرمون الجريبين ( Ostrogen ) ، الذي يذهب بدوره إلى الرحم ويعطيها إيعاز بضرورة الاستعداد والتهيؤ لاستقبال الضيف الجديد ، فتبدأ الرحم بالنمو والسماكة في جدارها المخاطي ، وتزداد التوعية الدموية فيه ، وتهيء فراش وثير لاستقبال العرسان الجدد .!

أما إذا لم يحصل التلقيح ، ولم يتلقّ الجسم الأصفر الإشارة المطلوبة ، فإنه لا يلبث أن يذبل ويموت ، وبالتالي لا يفرز الهرمون المطلوب .

ما إن تعشعش النطفة الأمشاج في جدار الرحم ، حتى ترسل هي الأخرى إشارة هرمونية اسمها المنمّيات التناسلية ( Gonadotrophin ) ، التي تذهب بدورها إلى المبيض لتحثه على إبقاء الجسم الأصفر فاعلاً ريثما تقوم المشيمة المقبلة بأخذ دوره الهرموني ، وفعلاً يستجيب المبيض لهذا الطلب ، ويكلّف الجسم الأصفر بالاستمرار بالحياة وإفراز هرموني الجريبين واللوتيئين (Progesteron ) ..

وهكذا ، فإن هذا التوازن الهرموني الثلاثي (Progesteron , Ostrogen ,Gonadotrophin ) يكون مسؤولاً عن إبقاء محصول الحمل ونموه ، وأي خلل يحصل في هذا التوازن الرائع قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها ، فإما أن يتسبب في طرد محصول الحمل قبل الأوان مسبباً الإسقاط ( Abortion ) أو الخداجة (Prematurity ) . أو يؤدي إلى عطالة في تقلصات الرحم ، مسببا تأخر خروج محصول الحمل أو ما يسمى الحمل المديد (Post maturity ) .

3. من الناحية الميكانيكية :
يشكل السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين ، والذي يقدّر بحوالي ( 600 - 1000 ) مل ، والذي يصحب الجنين طيلة فترة الحمل ، عاملاً مهماً لحفظه من الصدمات والرضوض الخارجية ، بالإضافة لكونه يخفف وزنه على الأم ، ويؤمن حركته بصورة حرّة ومستمرّة .. بعد كل ذلك ، ألا يحق لنا أن نقف بكل خشوع واحترام أمام قول الله المعجز (( فجعلناه في قرار مكين )) .!؟

ثم ما حكاية القدر المعلوم ، أو الأجل المسمّى .!؟
إن الإعجاز في الآيات الكريمات التي سبقت الإشارة إليها ، ليس في الإشارة إلى مدّة الحمل المعلومة فقط - على عظيم أهميته - ( إلى قدر معلوم ) أو ( إلى أجل مسمّى ) ..

بل في تقرير العليم الخبير ، بأن هذه المدة هي المدة المثالية للحمل الطبيعي أيضاً (( فقدرنا ، فنعم القادرون )) المرسلات ( 23 ) .

ولقد أثبت الطب فعلاً ، بأن هذه المدة التي قررها الله للحمل ، هي المدة المثالية فعلاً ، فإذا ما نزل الحمل قبل هذه المدة اعتبر خديجاً ، وكان معرّضاً للكثير من المشاكل الطبية التي قد تودي بحياته .!

أما إذا بقي في الرحم أكثر من هذه المدة ، فيعتبر الحمل مديداً ، والذي لا يخلو هو الآخر من المشاكل.!!! ترى ...فمن الذي أوعز إلى الرحم أن تحفظ الجنين هذه المدة المحدّدة ( أربعين أسبوعاً = 270-280 ) يوماً لا تزيد ولا تنقص .!؟

وكيف ارتضى جسم المرأة أن يحفظ في أحشائه جسماً غريباً يشاطره طعامه وهواءه دون أن يبادر إلى طرده ، كما هي العادة مع أي جسم غريب متطفّل .!؟

ومن الذي عطّل أجهزة المناعة في جسم المرأة حتى ترضخ لقبول هذا الضيف الثقيل .!؟

ثمّ ، ما هي الآلية بالضبط ، التي يتمُّ بموجبها إخراج الجنين في اللحظة المقدّرة لا تزيد ولا تنقص .!؟

إنها عشرات بل مئات الأسئلة ، التي حيّرت ألباب العلماء ، ودوّخت الجهابذة من الأطبّاء ، والتي لا توجد عليها إلا إجابة واحدة فقط ، رضي من رضي ، وسخط من سخط ، إنه الله العليم الخبير.!

فقدرة الله المعجزة ، هي التي تحفظ الحمل كل هذه المدة المحدّدة ، من خلال توازن هرموني مدهش ، فإذا ما دنت ساعة الفراق ، أذن الله للرحم بتقلّصات لا يصمد لها شيء ، ولا تهدأ قبل أن تقذف بالجنين خارجاً ، فيستهلُّ صارخاً من شدّة ما لاقى من الكرب ، فتبارك الله أحسن الخالقين ...!!!

سابعاً : ثمّ السبيل يسّره :
قال تعالى في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم
- (( قُتل الإنسان ما أكفره ، من أي شيء خلقه ، من نطفة خلقه فقدّره ، ثمّ السبيل يسّره )) الإنسان
- (( ونقرُّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمّى ، ثمّ نخرجكم طفلاً )) الحج (5) .

بعد رحلة بديعة في جوف الرحم دامت أربعين أسبوعاً ، يعلن الباري عزّ وجلّ ، بأن هذا المخلوق الجديد قد صار مؤهلاً للحياة معتمداً على نفسه ، فيوعز للرحم في اللحظة المقرّرة ، التي لا نعرف عن كنهها شيئاً ، وتبدأ عملية المخاض ( Labor ) ، على شكل تقلّصات محسوبة بدقة متناهية ، فهي تقلصّات ذكية عاقلة منضبطة ، تؤدي في النهاية إلى قصر عنق الرحم وكبر فوهته في نفس الوقت .

وهنا أيضاً نلمس العناية الإلهية المعجزة ، فالتقلصات الرحمية تحدث بصورة محسوبة جداً (( إنا كلّ شيء خلقناه بقدَر )) فلو حدثت تقلصات قوية ومستمرة لاختنق الجنين ومات ، وكذلك لو كانت التقلصات ضعيفة وغير فعّالة لحدثت عطالة رحمية واحتُبس الجنين .

وهنا لا بد لنا مع وقفة مع مخاض السيدة مريم العذراء عليها السلام :
قال تعالى في سورة مريم : بسم الله الرحمن الرحيم
(( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ، قالت : يا ليتني متُّ قبل هذا وكنت نسياً منسيّاً ، فناداها من تحتها ألا تحزني ، قد جعل ربّك تحتك سريّاً ، وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيّاً ، فكلي واشربي ، وقرّي عيناً )) مريم ( 23 ) . صدق الله العظيم .

ولو أمعنا النظر في هذا النص المعجز لوجدنا في كل كلمة معنى ، وفي كل حرف مغزى ، فهي آيات معجزات تقطع بعظمة الخالق ، وتؤكّد بما لا لبس فيه بأن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من عند بشر.!
1. فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة :
كل تغيير في المبنى يؤدي إلى تغيير في المعنى ، كما يقول اللغويون ، فكلمة أجاءها هي غير كلمة جاءها ، وهي تعني أن المخاض ألجأها إلى جذع النخلة من ألمه وشدّته ...
2. إلى جذع النخلة :
كل امرأة ماخض تحاول أن تبحث عن مكان تلجأ إليه ، وتستتر به ...
3. قالت يا ليتني متُّ :
وهي كلمة تقولها كل ماخض من شدّة الألم ، وخوف الفضيحة بسبب كشف العورة ، هذا بالإضافة للمدلول الخاص لهذه الكلمة عند السيدة مريم التي كان حملها وولادتها بصورة غير مألوفة .
4. تحتك سريّاً :
كل ماخض تتمنى أن يكون تحتها فراش وثير للولادة ، وأن تكون في موضع مريح من جميع النواحي.
5. وهزّي إليك بجذع النخلة :
هذا المبدأ ( مبدأ هزّ جذع النخلة ) صار مبدأً رائعاً يأخذ به الدعاة للوصول إلى أهدافهم ، لأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضّة . نعم ، إن الله كان قادراً على أن يسقط رطباً على مريم بدون هز جذع النخلة ولكنّ الله يريد أن يربّي الدعاة على ضرورة المبادرة والاعتماد على جهدهم الشخصي ، ثم يأتي عون الله وتوفيقه بعد ذلك .
6. رُطَباً جنيّاً :
لقد أثبت الطب الحديث للرطب الجني ( الناضج ) الفوائد التالية :
أ . فيه نسبة عالية من السكريات البسيطة الضرورية لعمل العضلة الرحمية ( ولهذا نعطي للماخض اليوم سكريات على شكل مغذي وريدي ) .
ب. يحتوي على مادة مقبّضة لعضلة الرحم ، وهي ضرورية لعملية الإرقاء وقطع النزف ( ونحن نعطيها اليوم للماخض على شكل مادة دوائية تسمى Methergin .
ج. فيه مادة مخفّضة لضغط الدم ، والمخاض كما هو معروف اليوم ، يترافق مع ارتفاع في ضغط الدم ، الذي قد يكون خطراً أحياناً .
د. الرطب الناضج فيه مادة ملينة للأمعاء ، وغالباً ما نضطر لتفريغ أمعاء الماخض اليوم بواسطة رحضة شرجية ( حقنة ) .
هـ. والرطب الناضج فيه مادة مهدئة ، وكم نكون مضطرين لإعطاء مهدئ على شكل مادة دوائية للسيطرة على أعصاب الماخض المتوترة .
7. فكلي واشربي :
أكل حلويات ( رطب ناضج ) + شرب سوائل ( واشربي ) هذا عين ما تحتاجه الماخض ، وأقصى ما فعله الطب الحديث أن قدم هذه المواد على شكل مغذي وريدي ( غلوكوز ووتر Glocose Water ).
8. وقرّي عيناً :
الراحة النفسية للمرأة ضرورية جدّاً لإتمام عملية الولادة ، ولذلك كثيراً ما تحتاج الماخض إلى المزيد من التشجيع ، والدعم النفسي ، والتطمين ، وقد نضطر _ كما ذكرنا _ لإعطاء بعض المهدّئات ، ولقد وفّر الله تعالى لمريم عليها السلام ، كلّ هذه الشروط الولادية المعجزة .
فأية روعة هذه .!! وأي إعجاز هذا ...!!!

وما إن يخرج الجنين إلى الحياة ، حتى تبدأ مرحلة جديدة من حياته لا تقلّ أهمية عن حياته الرحمية ، وهذا ما سنفرد له بحثاً مستقلاً في هذه الدراسة إن شاء الله ...

وبعد ... فلقد ذخر القرآن العظيم بالكثير من الآيات العلمية المعجزة ، التي تدلّ دلالة قاطعة لا لبس فيها ، على أن هذا القرآن الذي تنزّل قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ، لا يمكن أن يكون من صنع البشر ، لأنه أكبر بكثير من مستويات البشر ، بل لا بدّ أن يكون من الله العليم الخبير ...

وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والحمد لله ربّ العالمين ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خلق الإنسان(2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خلق الإنسان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نشامة التمريض :: القسم العام :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: